المعلم الكفء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد
نسمع كثيرا ويتردد على أسماعنا عبارة( المعلم الكفء) ونقرأ ذلك في بعض الصحف والمجلات ولا سيما المجلات التي تهتم بالمعلم وبالمناهج الدراسية وطرق تدريسها، وكثير من التعاميم الصادرة من وزارة التربية والتعليم ..........
وهنا نقف ونسأل سؤال من هو المعلم الكفء؟ وما هي أبرز صفات ذلك المعلم ؟
المعلم الكفء: هو الذي يستطيع بسلوكه وعاداته واتجاهاته أن يؤثر في تلاميذه ويستطيع أن يستثمر الإمكانيات المتاحة إلى أقصى حد ممكن ، وأن يجدد ويبتكر في مجالات عمله التربوي
كان المعلم يعد إعداداً فلسفياً خطابياً ، وتارة كان إعداده إعداداً دينياً صرفاً ، وتارة كان يعد إعداداً كلاسيكيا في جامعات العصور الوسطي ، ولم يبدأ إعداد المعلم وفق برنامج ثقافي وعلمي ومهني متوازن إلا في نهاية القرن التاسع عشر .
مع ذلك فقد كان لمفكري المسلمين عناية خاصة بإعداد المعلم واختياره وفق صفات معينة.
صفات المعلم:
كان القائمون على تعليم المعلم وما يزالون يهتمون اهتماما كبيرا باختيار العناصر الصالحة لمهنة التدريس حتى لا يدخل المهنة إلا القادر عليها والراغب فيها ، ومن تنطبق عليه المواصفات اللازمة للعمل بها، فاختيار الشخص المناسب يمثل حجر الأساس في إعداد المعلم الناجح .
فابن سينا اشترط أن يكون مؤدب الصبي ، عاقلاً ، ذا خلق ، بصير برياضة الأخلاق ، حاذقاً بتخريج الصبيان ، وقوراً رزيناً وبعيداً عن الخفة والسخف ، غير كزاً ولا جامد، حلواً ،لبيباً ذا مروءة ونزاهة ونظافة.
ويضع ابن جماعة الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعلم منها:
دوام مراقبة الله تعالى في السر والعلن ...... وأن يصون العلم كما صانه علماء السلف ... وأن يتخلق بالزهد في الدنيا ... وأن ينزه علمه عن جعله سلماً يتوصل به إلى الأغراض الدنيوية من جاه أو مال أو سمعة أو شهرة ....... وأن يحافظ على القيام بشعائر الإسلام وظواهر الأحكام ... ومعاملة الناس بمكارم الأخلاق .
إلى جانب تلك الصفات التي ذكرها بعض مفكري الإسلام نجد أن المربين يحددون مجموعة أخرى من الصفات الشخصية التي ينبغي توفرها في المعلم مثل : الصبر والحزم والطيبة والتعاطف والتضحية والإثار والأمانة، إلى جانب الثقة بالنفس والذكاء والقدرة على التصرف في المواقف المختلفة وفق تفكير علمي ومنطقي ، بالإضافة إلى تحمل المسؤولية والصفات القيادية ، والتمكن من مجال تخصصه والوعي بأهداف مادته وطرق تدريسها والمهارة في تخطيط برامج نشاطها واستخدام وسائل تقويمها، والقدرة على فهم عناصر المجتمع والإسهام في حل مشكلاته وتحقق تقدمه.
ورغم صعوبة تحديد المعايير التي يمكن على أساسها تمييز المعلم الجيد ، فقد أجريت عدة دراسات أوضحت أن العلاقة بين سمات الشخصية والقدرة على التدريس تتخذ أشكال مختلفة .
فقد حدد أحد التربويين ثلاث مجموعات من الصفات الشخصية التي لها دلالتها في تقرير فعالية المعلم وهي :
(1) - الاتجاهات المهنية : وتتضمن المسئولية ، والاهتمام بالتلميذ ، والالتزام الأخلاقي، والمحافظة على المواعيد ، والمظهر الشخصي.
(2) - المرونة والتوافق : وتشمل الحماسة، والدافعة، والقدرة على التصور ، والحيوية، والشجاعة ، وحب المعرفة .
(3) - الثقة من جانب التلاميذ و الزملاء والمسئولين والآباء : ويتحقق ذلك من خلال اتقانة لمهنته ، وكفاءته في التدريس .
كما أجرت إحدى الباحثات بحثاً للتعرف على الصفات التي تتوفر في المعلم الذي ينجح في ترك أثر حميد في نفس التلميذ، ومن نتائج البحث الصفات التالية :
· الصفات الإنسانية : وتشمل المشاركة الوجدانية ، والعطف، ومساعدة التلاميذ.
· الصفات الخلقية : وتشمل العدالة ، وعدم التحيز، والأخلاق الحميدة ، والاتساق في المعاملة.
· المظهر العام: ويشمل الأناقة ، والترتيب ، وحسن الاختيار ، والصوت المتزن.
· التمكن من فهم المادة: ويشمل العناية بإعداد الدروس واستخدام الطرق التربوية التي تساعد على الفهم ، والطريقة الشيقة في الإلقاء ،وعدم البخل في المعلومات.
· القيادة : وتشمل احترام آراء الطلاب ، ومعاملتهم بروح أبوية ، والاشتراك معهم في بعض أنواع النشاط المدرسي.
· احترام اللوائح والقوانين المدرسية : وتشمل المحافظة على المواعيد ، والتعاون مع إدارة المدرسة ، وقلة الغياب إلا عند الضرورة.
وختاماً أسأل الله القدير أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يجعلني أنا وإخواني المعلمين من المعلمين الأكفاء ، وأن ينفع بنا أبنائنا التلاميذ .